ثوابت من سورة سبأ

الدرس الثامن
تاريخ الدرس / 24-07-1444
المحاضر / الشيخ المهندس محمد المقرمي
كتابة / المهندس شمسان المقرمي

لك الحمد يا الله كم شدني وجد لحمدك اجلالاً لك الشكر والحمد
لك الحمد ان القرب منك وسيلة اليك وما البعد يا سيدي بعد
لك الحمد والاغصان مالت وسبحت وفاحت بأنسام الرضا هذه الورد
لك الحمد والانسام بالحمد كم غدت وبشرى رياح الخير بالبشر كم تغد
لك الحمد والاشجان في دمع خدها دموع جرى من خد دمعتها خد
لك الحمد حمدا يسلم الحر حره ويمسي بلا برد هنا ذلك البرد
لك الحمد حمدا يفقد المر مره ويغدوا عناء الجهد ليس له جهد
أقل قليل الحمد في أن وهبتنا عقولاً وما للناس عن حملنا بد
وعلمتنا من فيض علمك ما به عرفناك أنت الله والواحد الفرد
ونورتنا من فيض نورك ما به دنا منك عبد حضه أنه عبد
وتهتز بالتسبيح روحي كأنما بها قد أضاء البرق ونفجر الرعد
على انه لن تبلغ الحمد أحرفي فكيف بحمد ليس في حصرة حد
وكيف بحمد لو جمعنا بحارنا وأشجارنا في عدها يعجز العد
ويبدوا لنا في ذكرك الحب والرضى أدم سيدي هذا الشعور الذي يبد
أدم سيدي هذا الشعور الذي يبد..
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيء قدير واليه المصير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأتباع أوامره واجتناب نواهيه..
سنتحدث بما فتح الله به علينا في هذا المقام الطيب المبارك عن ثوابت من سورة سبأ ولكن قبل الحديث عن هذه الثوابت نبدأ بنظرة في حقيقة الإنسان..
الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم وخلق إبليس كان ما كان من قصتهِما عندما هبطوا الى الأرض أعطاهم هذا الثابت وهو (اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) وبين (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) “طه” فبين الله سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان الذي خلقه الله إذا سار على الثوابت التي أرادها الله سبحانه وتعالى منه، حصل له الكمال لا يضل ولا يشقى..
لاحظوا لا يضل معناها الهداية واضحة عنده والتعاسة ليست موجودة فإذا مشى هذا الانسان على ثوابت ربه الذي خلقه لا يضل ولا يشقى ولو حصل له إنحراف على هذه الثوابت فإن له معيشة ضنكا.
طيب عندما يخرج الانسان عن هذه الثوابت ما الذي يحصل؟
يحصل أن الناس يسيرون على موجب أهوائهم كل واحد يشتي الذي يشتي.. هنا الله يبين أنه إذا اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض وما فيهن،
إذاً الله سبحانه وتعالى خلق هذا الانسان على هذا اأاساس متى ما إستقام على مراد الله حصل له الكمال..
متى ما خرج عن مراد الله وأصبحت أهوائه هي التي تحكمه يترتب على ذلك من فساد كوني، والله الملك جل في علاه الذي خلق هذا الكون وخلق هذا الانسان أكيد عندما يخرج هذا الانسان عن المسار فالله له أحكامه والإ على أي أساس هو الملك فسننظر الآن كيف أن هذا الإنسان في ملك الله سبحانه وتعالى والله يقضي عليه ويحكم عليه في الدنيا والاخرة فنبتدئ بما ابتدأت يه سورة سبأ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) “سبأ” وقد تحدثنا في لقاء سابق عن الله الملك وأن الله سبحانه وتعالى ملك السماوات والأرض وملك ما في السماوات وما في الأرض وملك ما من في السماوات ومن في الأرض يعني الكل محكومين بملكه سبحانه وتعالى وعلى ضوء هذا إذا سار الانسان على مراده سبحانه وتعالى يترتب ما يترتب من فتوحات الله سبحانه وتعالى عليه وإذا حصل أن خرج عن مراده أكيد الله سبحانه وتعالى له أحكامه ولذلك لاحظوا بداية الآية تقول (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) “سبأ”.. آية أخرى في سورة سبأ تؤكد بان الملك لله وليس لأحد من دونه شيء ولذلك يأمرك الله سبحانه وتعالى أن تقول هذا القول وهي من الثوابت لأنه لاحظوا أي أمر يقول لك الله سبحانه وتعالى فيه قل فما بعد قل ثابت.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ) لازم تكون الرؤيا بهذا الوضوح (لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ﴿٢٢﴾) “سبأ” يعني الله يؤكد هذه الحقيقة الآن في سورة سبأ أن له ملك السماوات والارض وانه لا يوجد أحد يملك مع الله مثقال ذرة ولا يشاركه في إدارة هذا الملك ولا يساعده (وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ﴿٢٢﴾) ويؤكد الله سبحانه وتعالى هذا أيضاً الثابت بقوله (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ) “سبأ 27” أنتم من عملهم شركاء والإ فالله يقول ليس لدي شريك بموجب هذه الآيات
(وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ) “سبأ 22”
(قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ ۖ كَلَّا ۚ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٧﴾) “سبأ”
هنا لفته في الأسماء..
لاحظوا العزيز الحكيم هاذين الإسمين يبينوا كمال وحدانية الله التي شهد الله سبحانه وتعالى لنفسه وشهد له الملائكة وأولي العلم وذلك في قوله (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١٨﴾) “آل عمران”.
إذاً الجزء الأول من الثوابت في سورة سبأ يبين الله سبحانه وتعالى أن له ملك السماوات والأرض ومن فيها وليس لأحد مع الله أو من دونه شراكة أو مساعدة أو ملك وهذا كلام واضح..
تأتي الآن القضية التي يطرحها الله سبحانه وتعالى والتي بدأنا مقدمتها وهو إذا سار هذا الإنسان على مراد الله حصل له الكمال البشري وإذا خالف يحصل التنازع ويحصل ما يحصل بين الناس بسبب هذا الإختلاف وذلك لاحظوا الله سبحانه وتعالى في آية يقول (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) “البقرة 213”
فما الذي سيجل الناس أمة واحدة؟
متى ما ساروا على مراد الله.. لكن إذا خرجوا عن مراد الله حصل بينهم الإختلاف والتنازع ولذلك كانت سنة الله بأن يبعث رسل (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ) أيضا حتى الذين أتاهم الله الكتاب يحصل أنهم يختلفوا (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) إذاً من الإختلاف يحصل بيغاً والبغي هو الخروج عن مراد الله (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٢١٣﴾) “البقرة”.
كان بالإمكان الله سبحانه وتعالى يخلي (يترك) الناس عموماً أمة واحدة ويمشوا على مراده كما هو حال الملائكة لكن لله حكمته (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً) “هود 118” متى ما إستقاموا على مراده، لكن إذا خرجوا عن مراده (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) هذا المجموع المرحوم وسط هذا الاختلاف هم الذين إحتكموا لمراد الله سبحانه وتعالى (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَ‌ٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿١١٩﴾) “هود” حكمة الله..
طيب على ضوء هذا الكلام الآن أذا حصل التنازع بين الناس الفئة المرحومة هذه التي قال الله في حقها (إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) وفي الآية الأولى قال (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) “البقرة 213”.
الآن سنبين من سورة سبأ قضية وهي الحوار الإيجابي مع المختلف.. وبموجب هذا الحوار الإيجابي يترتب على هذا الحوار ما يترتب من أن الله يقضي ويحكم فنجد في سورة سبأ الله يأمر النبي (ص) بأن يطرح قضية وهي قضية من الحق ولا خلاف لماذا؟ لأن الذي أمره الله، الله سبحانه وتعالى يقول (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) “سبأ 24” يعني لاحظوا لو أي واحد كذا يوجه له هذا السؤال يبدأ يستغرب ويقول لك ما هو الرزق من السماوات؟
بمعنى لو قال من السماء والأرض سيكون واضح ممكن يحصُر فيه المطر والنبات لكن هنا طرح قضية ويقول له قلهم فيها (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) “سبأ 24” ولاحظوا الله لم يقل سيقولون ولا قالو بمعنى أنه قال فيها خلاف يعنى المستمعين لم يقبلوا.. فقال له قل أنت (قُلِ اللَّهُ).
طيب الآن النبي (ص) يطرح قضية حق بموجب أمر الله سبحانه وتعالى ولم تُقبل من الآخر، هنا الآن سيبدأ أدب الحوار الإجابي.. الله سبحانه وتعالى يأمر النبي (ص) أن يتصرف هذا التصرف.. كأن الله سبحانه وتعالى يقول له لا تقول لهم أنتم كفار لم تقبلوا كلام الله والله سيأخذكم قال له قل لهم هذا الكلام وهو (قُلِ اللَّهُ) والتي هي الإجابة على من يرزقكم من السماوات والارض (قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾) “سبأ” يعني لاحظوا النبي (ص) وأدب الحوار الإجابي.. لأنه عندما تقول للواحد أنت غلطان وأنا على حق هنا حصل إفتراء لكن عندما تطرح له هذا البعد وبأنه أنا طرحت قضية والآخر لم يقبل بها قل له في واحد مننا غلطان.. هذا الطرح الآن بانك تقول له في واحد مننا غلطان تجعل بينك وبينه تواصل.
إذاً الله سبحانه وتعالى يقول له قل لهم هذا القول (قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾) “سبأ”، وأيضاَ يأمره أن يقول هذا القول (قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا) لاحظوا نسب الإجرام لنفسه وهو صاحب الحق (وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٢٥﴾) “سبأ” يعني هنا الطرف الآخر الان طالما أنت تناقشه بهذا التجرد وتقول له في واحد مننا غلطان وقد أكون أنا الغلطان وكوني أنا الغلطان وبينت أنت لي الحقيقة لن تُسأل عن إجرامي ومخالفتي للحق وانا لن أسئل عن عملك لأنك أنت قائم على الحق..
يا أبنائي عندما يكون الحوار على هذه الأسس من قبل الطرفين يجمع الله الطرفين.. لكن أنا على حق وانت على باطل هنا يحصل التنازع والإقتتال ولذلك لاحظوا الآية التي بعدها ماذا يقول الله سبحانه وتعالى (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا) طالما ونحن تحاورنا على هذه الأسس وكل واحد منا لم يكن مصر بأنه على حق وقبل بأنه يكون غلطان..
فإذا طلع غلطان يقبل بأنه هو الغلطان، فإذا حصل بأن المتحاورين على هذه الثوابت الله يجمع بينهم ولذلك يقول (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿٢٦﴾) “سبأ”.
إذاً الله سبحانه وتعالى يبين لنا الآن حقيقة طُرحت من قبل النبي (ص) وكيف حاور الآخر بهذا التجرد ولذلك المجموع الذي ذكرناه فيما قاله الله سبحانه وتعالى (إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) “هود 119” يعني المجموع المرحوم هذا لازم يتحلى بعدة ثوابت من أجل أن يكون صاحب هذا الحوار..
الثابت الأول
عندما يوجد إختلاف والاختلاف هذا لا يكون الا بموجب أهواء لازم يصل الإنسان الى التسليم بأن هذا الخلاف لا يحسمه إلا الله نجد ذلك في آية في كتابه الكريم وهي (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٤٦﴾) “الزمر”.
يعني تأتي مرحلة الناس يختلفوا حتى في الحق نفسه ويكون هذا له فهم وهذا له فهم والمسألة كلها قائمة على أهواء لكن متى ما تحقق المتحققون بهذه المعاني فالله سبحانه وتعالى يجمع بينهم فشرط الاول في المتحاور والحوار الإيجابي هذا أن الخلاف ليس له الا الله.. ولذلك كما أمر الله سبحانه وتعالى أن يقول (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٤٦﴾) “الزمر”.
كان هناك قول يقوله النبي(ص) في صلاة الليل وهذا في صحيح مسلم عن ابي سلمه أبن عبدالرحمن ابن عوف وهو يسأل عائشة رضي الله عنها يقول لها بماذا كان النبي (ص) يفتتح صلاة الليل “ايش كان يقول قبل ان يبدأ صلاة الليل ؟” فقالت له كان يقول هذا القول وهو (اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السماوات والارض علم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون).
لاحظ قرر المبدأ الأول والان طلب من الله سبحانه وتعالى أن يهديه لما اختلف فيه من الحق، يعني في حال الخلاف هذا لازم يكون التسليم بهاذين الثابتين..
الثابت الأول بأن الخلاف ليس له إلا الله
الثابت الثاني أن تسأل من الله سبحانه وتعالى ان يهديك لما أختلف فيه.
(اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السماوات والارض علم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدنى لما اختلف فيه من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم).
فاذا حصل من الانسان هاذين الثابتين والثابت يكون الثالث
الثابت الثالث وهو ما ذكرناه في آيات الحوار بانه عندما تطرح حقيقة للمختلف لا تبدأ تقول له بأنك على حق وهو على باطل تقول له في واحد مننا غلطان حتى يتم التواصل.
الثابت الرابع بأنك تقول له إحتمال أكون أنا غلطان.. بل أصل الى انني أُمارس إجرام من مخالفتي لهذا الحق لا تسأل عما اجرمت.
فاذا حصلت هذه الأربعة الثوابت عند طرفي الحوار يجمع الله بينهم ويحصل له فتح من أين؟ من الله.
لاحظوا الله الذي يجمع والله الذي يفتح ولذلك تجد الآية قال الله سبحانه وتعالى فيها (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿٢٦﴾) “سبأ” ولو تابعتم الأسماء في القران الكريم لن تجدوا الفتاح العليم إلا في هذا الموطن.. في كل القران الكريم.. ولعلها ان تكون في سورة سبأ أيضاً لها ميزة لأهل اليمن والله هو اعلم (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿٢٦﴾) “سبأ”.
طيب إذا كان طرف ملتزم بهذه الثوابت والطرف الآخر مصر على أنه على حق وبموجب إصراره لن يصلوا الى إتفاق ولن يحصل الجمع.. هنا يبدأ الله سبحانه وتعالى يأمر صاحب الحق أن يطرح هذا الانذار وهو (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ) يعني لم يطرح كلام ليس له معنى (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾) “سبأ” الان كأنه في كرت احمر يرفع “ما يستخدم في مباركات كرة القدم”.
يطلب منهم التفكر في ماذا؟
التفكر في ان الإنسان لا يصلح ولا يكمل في هذ الحياة إلا إذا إحتكم لهذه الثوابت وإلا يحصل الإختلاف بين الناس.
كيف أن الناس اتفقوا على الغرام الكيلو غرام؟
كيف أن الناس اتفقوا على المتر والكيلو متر؟
لأنهم وجدوا عملياً بأن الحياة لا تستقيم الا إذا أحتكم الناس فيها لثوابت حتى ولو كانت هذه الثوابت من وضع البشر كالكيلو غرام والكيلو متر …
الأمر الآن يُطرح لهم هذا الطرح (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾) “سبأ”
وقلنا ان المحاور الإيجابي لازم يكون قد تحقق بأربع شروط من طرح المتفقين الذي قلنا في السابق عليها بأنه لا يحسب هذا الخلاف إلا الله، وان المحاور يسأل من الله أن يهديهم لما أختلفوا فيه وأنه عندما يحاور لا يفرض نفسه على الآخر ويفترض بأنه يمكن يكون هو صاحب الخطأ ويقبل أن يكون صاحب الخطأ..
البعد الخامس والذي يظهر مع المختلف وهو (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ) ماذا يعني؟
أن المحاور الذي يطرح الحق لا يطرح الحق لأن له غرض مادي.. يعني لا أبين هذا الحق من أجل ان يحصل لي كسب مادي، يعني ليس القصد الكسب المادي بقدر ما هو القصد في بيان الحق (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ) يعني عندما أطرح هذه الثوابت لا أقصد إلا بيان الحق ولا أقصد بأن يكون لي كسب مادي أو يكون لي ملك أبداً، (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿٤٧﴾) “سبأ”
فإذا تم الطرح بمنازع على هذا الإعتبار قال لك بالأخير قل لهم هذا القول وهو (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴿٥٠﴾) “سبأ”
فإذا حصلت من المتحاور هذه الضوابط وطرح الحق ويتمنى بأن الآخر يهتدي وليس أن يطرح له من أجل أن الله يأخذه بل يتمنى بأن الطرف الآخر يهتدي وبأنه ليس له أي قصد مادي سوى أنه يرضي الله سبحانه وتعالى في بيان هذا الحق.. هنا إذا الطرف الآخر لم يقبل سيتدخل القدر والغيب ولذلك الله يأمرك أن تقول هذا القول وهو (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿٤٨﴾) “سبأ”
يقذف بالحق الى أين؟
يقذفه على الباطل كما بين الله سبحانه وتعالى في اية أخرى في قوله (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ) “الأنبياء 28” يعني اذا حصل الحوار الايجابي من قبل أصحاب الحق على هذا الاساس فان الله سبحانه وتعالى يقذف بالحق على الباطل ولذلك يأمرك أن تقول هذا القول (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿٤٨﴾) يعني الباطل طلسم غيب لا تقدر حتى تميزه لكن طالما المحاور يطرح الأمور على هذا الأساس أو على هذه الضوابط فان الله سبحانه وتعالى يقذف بالحق على الباطل أينما كان (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿٤٨﴾) وبموجب هذا القذف لن يكون إلا مجيء الحق (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴿٤٩﴾).
تجد الآن المُعارض يقول لك أي حين سيكون هذا الخبر؟
على إعتبار بأن القذف لم يحصل بعد.. فالمحاور المعارض يقول لك أي حين سيكون هذا الخبر؟
تجد أية في سورة سبأ تطرح هذا السؤال (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٩﴾) “سبأ” يرد عليهم ويقول (قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ ﴿٣٠﴾) “سبأ” ثم يختم هذه السورة بعد هذا الحوار وبعد هذا البيان بهذه الآيات الأربع .
الأولى يقول الله سبحانه وتعالى فيها (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا) “سبأ 51” من هم؟
الذين لم يقبلوا الحق.. وأنت لم تعمل لهم شيء أنت بينت لهم الحق بهذا الأدب وبهذه الثوابت ويقول لك لو ترى ما الذي سيحصل لهم في حال عدم قبولهم (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ) لأنه تخيلوا من الذي يقذف؟
إنه الله (فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴿٥١﴾) يعني من حيث لا يحتسبوا مطلقاً (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴿٥١﴾) يحصل لهم في ذلك الوقت بأنهم (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) قال لهم ليس هناك وقت قد طرح لكم الأمر بهذه الأدبيات وبهذه الثوابت وصاحب الحق كان على هذه الثوابت (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٢﴾) يقول لهم لم يعد هناك وقت.. (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) يعني كان سمائتهم (أحاديثهم) كلها سمائت (أحاديث) غيب “كان كلامهم كلام غيب ” يعني يرجموا رجم هكذا (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٣﴾) لاحظوا النتيجة الان (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) كما فعل بأشياعهم من قبل يعني هذه سنة الله وتظل ماضية (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ ﴿٥٤﴾).
إذاً كما ترون بانه تأتي مرحلة الخلاف فيها لا يحسم بالقوة المادية مطلوب فقط مجموع بهذه الثوابت ، ويحاور بهذه المنطقيات وهنا يستخدم قوة الغيب ولم تعد قوته هو ، وان تكون هذه الآيات الان في سورة سبأ لتبين نفس الرحمن الذي سيقدم من هذه البلد ولتبين الحكمة والإيمان الذي شهد بها رسول الله (ص) لأهل اليمن ولذلك متى ما وصل الناس الى الإحتكام لهذه الثوابت والحوار بهذه الإيجابيات كأنه والله هو أعلم يعودوا الناس الى نقطة الفطرة ولذلك لا غرابة بان تكون بعد اخر آية من سورة سبأ أول آية من سورة فاطر (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ﴿٣﴾) “فاطر”
قلت ما سمعتم وهذا فهم يؤخذ ويرد فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون فهم من الله سبحانه وتعالى وان ينفعنا به قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى