ليميز الله الخبيث من الطيب
الدرس السابع
تاريخ الدرس / 17-07-1444
المحاضر / الشيخ المهندس محمد المقرمي
كتابة / المهندس شمسان المقرمي
الحمد لله الذي أحاط سمعه بأقوال العباد فسوأً منكم من أسر القول ومن جهر به، والحمد لله الذي أحاط بصره بأفعالهم فسوأً منكم من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، والحمد لله الذي احاط علمه بمكنون الضمائر والصدور فأسروا قولكم أو أجهروا به انه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيء قدير وايه المصير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأتباع أوامره واجتناب نواهيه أما بعد..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) “النساء 59” نقف عند هذا الجزء الأول من الآية
لمن الخطاب؟
الخطاب للمجموع وهم لولي الأمر والرعية، لأنهم كلهم مؤمنين فاذا استجاب كل المجموع لأمر الله سبحانه وتعالى وأخضعوا حياتهم لأمر الله سبحانه وتعالى وهي طاعة الله ورسوله أكيد سيكون هنا قدر الله سبحانه وتعالى وسيفتح للناس ما سيفتح وهذه آية تجدها في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٩٦﴾) “الأعراف”
إذاً لو أستجاب المجموع “ولي الأمر والرعية” لأمر الله سبحانه وتعالى حياتهم ستكون بهذا الرخاء وعلى ما ذكره الله سبحانه وتعالى لكن يحصل إختلاف (تنازع) ولن نأخذ جميع اشكال الإختلافات ولكن سنأخذ أسوء إختلاف وهو أن المجموع كله مختلف (متنازع) الرعية مع ولي الأمر والله ايضا يوجه لهم الأمر جميعهم على هذا النحو ويقول لهم (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) “النساء 59”.
معكم ثابت وهو الله والرسول فردوا ما تنازعتم فيه الى هذا الثابت (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ) لاحظوا لأنه كان في بداية الآية يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وهنا يؤكد لهم بان إعادتكم لأموركم المتنازعين فيها الى الله والرسول يؤكد ايمانكم (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴿٥٩﴾) “النساء”.
طيب أسوأ احتمال هو انهم لا يستجيبون ولا يردون الأمر لله والرسول وهو الثابت الذي نحتكم اليه كمؤمنين هنا سيحصل التنازع وسيزداد، تجد آيات في كتاب الله تُأكد لهم الاحتكام لهذا الثابت وهو الله والرسول فيقول في آية من الآيات (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٣٢﴾) “آل عمران”.
ترحمون من ماذا؟
من نتائج التنازع التي حصلت لأنه اكيد التنازع الذي حصل سيكون له آثار سلبية فالله يؤكد لهم الأمر ويقول لهم (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٣٢﴾) “آل عمران”. بافتراض أيضاً بانه يحصل بانهم لا يستجيبوا لهذا النداء ويضلوا في التنازع.
فيقول لهم الله ايضا في اية اخرى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا) “الأنفال 46” مادام عندكم ثابت وهو الله والرسول والدين الذي أتى به الرسول (ص) من عند الله وهذا الدين فيه ما يحل جميع المشاكل والمنازعات (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا) لاحظوا هنا سيحصل الفشل (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
لاحظوا عدم اعادة الأمر لله والرسول فشل (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) هنا قوتكم وهيبتكم.. (وَاصْبِرُوا) عالجوا أموركم بصبر وبروية وبحكمة بإعادة المنازعات لله والرسول (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿٤٦﴾) “الأنفال” قال أنتم صبرتم وأردتم ان تحسموا المنازعات بردها الى الله ورسوله وصبرتم على بعضكم فالله معكم.
هنا إفتراض أيضاً بأنهم لم يستجيبوا يأتي أمر من الله لتأكيد هذه الحقيقة يقول لهم الله (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) “المائدة 92” وكأنه يقول أحسن لكم.. وهنا يبدأ التحذير (وَاحْذَرُوا) هنا الآية بدأت وكأنها ترفع كرت “حكم المباريات يرفع كرت فيه إنذار” (وَاحْذَرُوا) من ماذا؟ من عدم ردكم لمنازعتكم لمراد الله ورسوله وهي طاعة الله ورسوله (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٩٢﴾) “المائدة”.
كان هنا تحذير، ويُأكد التحذير في اية أُخرى في قوله تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ) ربي سيحاسب الناس كره (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٥٤﴾) “النور”
تلاحظوا الان ان التحديث بدأ يظهر بانه إذا لم تعيدوا أموركم الى مراد الله ورسوله كونكم مؤمنين فهذا تحذير الآن والرسول ليس له الا هذا البلاغ ويحمل هذا التحذير.
لتأتي آية أخرى تقول لهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لاحظوا لم يسلب منهم صفة الايمان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴿٣٣﴾) “محمد” يعني مالم تستجيبوا بعد هذا التحذير فكم يا امور عملتموها فيما مضى ستبطل بعدم ردكم الأمر لله والرسول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴿٣٣﴾) “محمد”.
لتأتي آية اخرى تحذرهم وتقول لهم لا يصلح أنتم عقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ ﴿٢٠﴾) “الأنفال” وكأنه يقول لهم أنتم عقال وأنتم محتكمين لدين ومؤمنين بالله.
فإذا لم تحصل الاستجابة من المؤمنين على ضوء هذه النداءات، الله سبحانه وتعالى يأتي بالآية الاخيرة هذه ويقول لهم (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴿٣٢﴾) “آل عمران” وهنا كفر دون كفر بمعنى قد يكونوا يصلوا ومؤمنين بالله لكن لم يحتكموا لمراد الله في منازعاتهم (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴿٣٢﴾) “آل عمران”.
ها تجد الفئتين المتنازعتين فشلت سوأ كان النزاع بين ولي الأمر مع الرعية أو الرعية فيما بينهم أو الرعية فيما بينهم مع ولي الأمر وهكذا… يعني تنازع.. تنازع الكل فشل سيترتب على الفشل من إعادة الأمور لله ولرسوله الإقتتال.
النبي (ص) يأتي بحديث صحيح ويحذر هذا التحذير الخطير فيقول (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهم صاحبه فالقاتل والمقتول في النار).
الصحابة هنا أخذتهم عزة يقولون طيب هذا القاتل فما بال المقتول؟
قال لهم (كان حريص على قتل صاحبه او أراد قتل صاحبه).
فهنا الفئتين المتنازعتين بعدم ردهم أمر التنازع لله والرسول حصل هذا الاقتتال فالنبي(ص) كأنه بهذا الحديث يعطي كرت خطير الآن..
يقول لهم خلوا بالكم مع انكم مسلمين ولم تستجيبوا لكل نداءات الله فهذا الوضع النهائي.
هنا القران الكريم يطرح الأمر على فئة ثالثة ليست من أطراف النزاع وهم مؤمنين أيضاً، فالله سبحانه وتعالى يقول (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) “الحجرات 9”
لمن الأمر؟
للمؤمنين أكيد.. لكن فئة خارجة عن التنازع والاقتتال (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) أمر الله سبحانه وتعالى لهذه الفئة الثالثة أن تصلح بين المتقاتلين من المؤمنين (فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا)
الله الذي قال فأصلحوا..
الله الذي قال فقاتلوا..
(فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ) تفيئ الى ماذا؟ (تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ)..
(فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٩﴾ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٠﴾) “الحجرات”
فتلاحظوا الان هذه الفئة الثالثة إذا نفذت أمر الله سبحانه وتعالى على هذا النحو من الإمتثال بانها تصلح ولا تريد من هذا الاصلاح من الفئات المتنازعة شيئاً ويبحث عن غُنماً، تعمل ذلك لله وفي سبيل الله فالله سبحانه وتعالى سيمكنها لأنها تعمل بموجب أمر الله من أنها ترد الباغي والفأة الباغية تعود يعني تعود لماذا؟
لأن الطرف الثالث هذا عمل بأمر الله سبحانه وتعالى فكانت قوة الله معه وعاد الأمر الى نصابه وعادوا الناس الإخوة كما كانوا يحتكمون لمراد الله ورسوله.
هذا إحتمال طبعاً وهناك احتمالات أُخرى ولكن سنأخذ أسوء إحتمال بأن الفئة الثالثة هذه تتدخل لكن ليس لأنه أمر الله بل تتدخل لأن لها مصلحة، وبالتالي كونه لها مصلحة فإذا لم تتحقق مصلحتها ستعمل على تغذية هذه الحرب وإستمرارها حتى تتحقق مصلحتها.
هنا تجد بان الطرق الثالث أيضاً فشل ولم يحقق الأمر على مراد الله سبحانه وتعالى وتدخل لمصلحة والكل يقاتل الان الطرفين المتنازعين والذي تدخل.
هذا القتال لم يعد في سبيل الله بل قتال مصالح وقتال يحمل معاني مختلفة، الله سبحانه وتعالى يقول للجميع (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) “النساء 75” وعلى ضوء هذا الإقتتال الذي حصل ودام لعدم إحتكام الجميع لله ولرسوله واستمر لهذه الفترة تظهر فئة مستضعفة في المجتمع الله سبحانه وتعالى طرح الأمر على هذه الفئة المستضعفة ، على اعتبار بان الطريفين المتنازعين فشلو بعدم عودتهم لله والرسول والطرف الثالث باحتمال دخولهم مصلحة ايضاً فشل ، فالله سبحانه وتعالى يقول لهؤلاء جميعا (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) لاحظوا (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا) يعني أمرهم هكذا باستمرار.. الان يلجئون الى الله ولا يطلبون من أحد حل.. يعلمون ان الحل بيد الله وليس بيد أحد غيره (يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ) لاحظوا من لدنك معناها ليس لأحد دخل.. أنت الحل الوحيد يا رب (وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴿٧٥﴾) “النساء”.
أسوأ إحتمال بأن الفئة المستضعفة لا تقول هذا الكلام وتبدأ تتمسك بالخلق وبالقوى المختلفة ” يا امم متحدة يا منظمات ومن هذه المسميات.. ” فتجد أيضاً على هذا الإحتمال الفئة المستضعفة والتي كان المفترض بانها تلجأ الى الله بهذا القول المستمر (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴿٧٥﴾) “النساء” كونهم لم يقولوا هذا القول الآن الكل فشل حتى الفئة المستضعفة.
لأنه لاحظوا من ضمن الآيات التي ذكرت في البداية (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا) “الأنفال 46” فحصل الفشل الآن من الجميع..
هنا تصوروا الفشل حصل الآن من الجميع وهم متدينين يعبدون الله ويقولون بأنهم مؤمنين وقولهم بأنهم مؤمنين وبأنهم محتكمين لمراد الله سبحانه وتعالى متحققين بعبوديتهم لله في جميع أحوالهم حصل منهم هذا الفشل.
الله سبحانه وتعالى يقول (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ) “آل عمران 179” لاحظوا السياق في الآية المتوقع أن يقول ما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه..
تلاحظوا بان هناك لفته قوية في الآية عطفها عطف على واقع موجود.. الآية تخاطب واقع موجود ولذلك قال (مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ)
(مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) ومن الذي سيميز؟
انه الله..
وكيف ستتم هذه الإمازة؟
غيب..
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) “الفتح 7” القدر غيب وسيتكم الأمر بالغيب (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ) “آل عمران 179”.
وهذه الآية فيها لفتة عجيبة..
تصوروا في مرحلة من المراحل يا ابنائي تكون رسل الله شياطين..
تجدها آية في كتاب الله وكأنها في سورة مريم يقول الله سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ) الله يقول هذا.. يعني ستأتي مرحلة ربي يرسل شياطين (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴿٨٣﴾) وإذا قد المسالة وصلت لهذا العمق يقول (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴿٨٤﴾) “مريم”..
العد حاصل للجميع (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿١٧٩﴾) “آل عمران”.
هنا وعلى أثر هذه الإحتمالات وفشل الجميع.. والقدر بدأ يتدخل.. والغيب يشتغل.. جميع جهود الكافرين بالمفاهيم أو الكافرين بالله حتى المتدخلين بالحدث ستبوء بالفشل كلها وذلك ما يقوله الله سبحانه وتعالى في قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) “الأنفال 36” لاحظوا لم يقل من أموالهم يعني يبذلوا كل طاقاتهم للوصول..
لماذا؟
للوصول لأهدافهم ومخططاتهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ) وابسط صد عن سبيل الله بان الناس لا يحتكموا لمراد الله ورسوله (فَسَيُنفِقُونَهَا) الله يقول ستمشي كل مخططاتهم لكن لن يحققوا النتائج التي أرادوها.
هذا قول الله وهذا كلام الله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴿٣٦﴾) “الأنفال” يعني أظن الكلام واضح الان.. وهذه آيات من كتاب الله.
لتأتي آية الآن تقول إن هذا إنذار أخير والذي هو (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) “العنكبوت 18 ” والذي يسمع يقول ما يقول ويفكر كيف ما يشاء (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٢٣٢﴾) “النساء”
(مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴿٩٩﴾) “المائدة” ليقول بعدها (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) لاحظوا الخطاب الآن لمن؟
كذا بعد هذه التحذيرات يقول للعقال أتقو الله وحققوا مراد الله في الحدث.. في المرحلة (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٠٠﴾) لاحظوا الآن الخطاب ليس لجميع الناس (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٠٠﴾) “المائدة”.
طيب سؤال هنا يطرح نفسه وهو
الله قال سيميز الخبيث من الطيب ما المقصود؟
أنا الآن على ضوء سماعي هذا الكلام لازم يتشكل عندي حرص بأني لا أكون الخبيث. ولماذا لا أكون الطيب وأتحقق بصفة الطيب التي أراده الله ولا أدخل في هذه الإمازة، أكون جاهز بأني طيب وليس هناك لزمة الى ان يميزني الله.
لو عملنا استبيان “وربما هذا كلام قد ذكرته في محاضرة سابقة” عند جميع أهل الأرض وقلنا من هو الإنسان الطيب سيطلع الإنسان المتسامح والذي لا يتصرف بردة فعل مشابها، يتصرف بتسامح وبصبر وإمتثال لما أراده الله سبحانه وتعالى.
وهنا نذكر فقط صفاتهم ابتدأً من أُسرهم وكيف تتشكل الصفة عندهم في إطار الأسرة الواحدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) “التغابن 14″ يعني يحصل في البيوت ما يحصل من جهل الأولاد والزوجة فيتشكل عند الرجل نوع من الغضب الله يقول له كه أرني)”تستخدم بالعالمية للتحفيز وبعض الأحيان للتحدي ومن المعاني التي قد تفهم عند قولها في الجملة هيا، هلم، أرني” إبدأ تميز بالعفو في هذا الإطار البسيط (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) أعذروهم من ماذا؟
إحذروهم من ان يخرجوكم من الصفات الحسنة.. طيب وما المطلوب يا رب..
قال (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٤﴾) “التغابن”.
تصوروا بدأ الواحد الآن يعتبر هذا دين لله ويعالج الأمور في إطار البيت الواحد على هذا النحو من مراد الله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى يقول له (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا) لاحظوا هنا ثلاثة مصطلحات..
تعفو: فاذا حصل خطأ سابق عفوت عنه.
تصفحوا: حصل خطأ جديد الصفح عدم ذكر الخطأ السابق لا تقول له عادك عملت المرة الأولى وسامحناك وذا الحين عدتها..
تغفروا: الحدث الجديد قال لك اغفره.
(فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وهنا ان الله غفور رحيم لها فهم أدني وفهم أعلاء..
الفهم الأدنى بان الله يغفر لك ويرحمك كما تغفر لهم وترحمهم.
والفهم الأعلاء أنك هنا تعرف بالله الغفور الرحيم.
فإذا نجح الواحد في إطار أسرته على هذا النحو وأصبح هذا سلوكه تكبر معه الدائرة..
أتى رجل الى النبي (ص) فقال له إن لي أقارب أحسن إليهم ويسيئون إلي وأصلهم ويقطعونني وأعطيهم ويمنعونني..
أقول كأنه والله هو اعلم قولاً يؤخذ ويرد كأنه كان يتوقع أن يقول له النبي (ص) مالك من أبتهم هاذن قليلين أصل..
النبي (ص) يقول له (لإن كنت كما تقول) كأنه يقول له خلي بالك أنت الان في مكانة إنتبه تفلت منها “إياك أن تسقط منها” (لإن كنت كما تقول فكأنما تسف المل في أعينهم ولا يزال لك عليهم من الله سلطان نصيرا ما دمت على ذلك).
هنا يقول له إياك أن تسقط من هذا المقام وهذا إختبار من الله لك بهؤلاء الأقارب كما كان الإختبار السابق بالأولاد والزوجة فإياك أن تسقط وهم لا يقدرون أن يعملوا لك حاجة لأنه (لايزال) لاحظوا لفظ الحديث (ولا يزال لك عليهم من الله سلطان مصيرا ما دمت على ذلك).
تصوروا واحد نجح في الدائرة الأولى والآن كبرت الدائرة الثانية ثم تأتي مرحلة يكاد يكون الخطأ عام.. يعني الواحد يخرج من بيته يغلطو (يخطئون في حقه) عليه بالشارع.. يغلطوا عليه بالسوق ، في هذه المرحلة يكون الخطأ من الناس إلا من رحم الله.. هنا مطلوب من الدفعة أن يتصفوا بهذا الوصف (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) لاحظوا (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) “آل عمران 134” يعني أنه ستأتي مرحلة المجموع يكاد يكون كله في حال من الخطأ..
يقول لك جرب أدخل هذا المضمار وتهيئ بأن تكون بهذا الوصف الذي أراده الله سبحانه وتعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾).
لتأتي المسالة مع هؤلاء لهذا العمق وهو (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) “فصلت 34” ليش؟
مالم يدفع الواحد بالتي هي أحسن في مرحلة الخطأ العام هذا يفتح مجال كبير جدا للشيطان ولذلك تجد آية في كتاب الله في موطن آخر يقول له (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ) ما لم (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) “الاسراء 53” فتأتي مرحلة يقول لك خليك بهذا الوصف (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾) “فصلت”.
إن نجاح الإنسان بهذا العمق..
هل تستطيع أيه المتدين أن تصنع من عدوك صديق؟
هنا الفن هنا فن الحياة، والتعامل الراقي، أما التخلص من الآخر فليست قصة ولا يكون مشكلة لكن فن الحياة ان تصل الى هذا العمق وتستطيع أن تصنع من عدوك صديقاً (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾) وهنا الله سبحانه وتعالى يقول خلوا بالكم ليس كل الناس سيحصلون على هذا المقام (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾) “فصلت”.
يعني تأتي مرحلة عندما يكون الخلل عام والفشل عام من المتدينين كأنه مطلوب هذه الدفعة تظهر بهذه الأوصاف وتصل الى هذا العمق كما قلت لكم إن فن الحياة هو ان تصنع من عدوك صديق ولو ركزنا على الواقع ستجد أننا نخسر أصدقائنا بل نخسر أقاربنا بينما لاحظوا القران بماذا يطالبنا ، يطالبنا بأن نصل الى هذا العمق وأن تصنع من عدوك صديقا ويبين الله سبحانه وتعالى بان هذا المقام لا يصل اليه كل الناس (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾) “فصلت”.
أسئل الله أن يجعلني واياكم والسامعين والقارئين من الذين صبروا ومن ذوي الحظ العظيم الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى.
قلت ما سمعتم فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن الله وأستغفر الله لي ولكم والسامعين والقارئين والسلام عليكم ورحمة الله.