ان تنصروا الله ينصركم

الدرس السادس
تاريخ الدرس / 10-07-1444
المحاضر / الشيخ المهندس محمد المقرمي
كتابة / المهندس شمسان المقرمي
كلمات شعري في علاك صلات انت الذي سجدت له الكلمات
يامن يشق الصف عن ريحانة فاذا الجماد حدائق ونبات
انا نظرت تراك عين بصيرتي نورا له أفاق ومشكات
أنا لهفة حراء اليك فخافقي متوقد ومشاعري جمرات
أنا سجدا لك منذ ميلادي وفي قبري ستسجد أعظمي النخرات
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيء قدير وايه المصير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأتباع أوامره واجتناب نواهيه أما بعد..
رأينا في اللقاء الماضي كيف ننصر الله في قوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿٧﴾) “محمد” وقلنا اجتهاداً والامر يؤخذ ويرد بان الواحد عندما يعمل أي عمل فان هناك دوافع مختلفة، مثل ان يعمله مصلحة أو يعمله مزاج أو يعمله من اجل ان يقولوا الناس أو يعمله من أجل ارضاء قوة معينة، هذه كلها دوافع يعمل بموجبها الانسان ولو يُغلب أمر الله على هذه الدوافع ويعمل العمل على انه امر الله هنا يكون حصل نصر الله في نفسه.. ويكون الانسان نصر الله في نفسه ومعنى انه نصر الله في نفسه هو انه عمل بموجب أمر الله..
سنرى هنا مجموع غزوات النبي (ص) وهي تمثل هذا الكلام حيث تبين ان كمال الانسان وانتصاره لا يكون الا بامتثاله لأمر الله ونبدأ بمعركة بدر على سبيل المثال
ماهي حيثيات بدر كما تروي الروايات بانه كان هناك قافلة ستمر لقريش وعلى رأسها 100 فارس ووصل الخبر للنبي (ص) على هذا النحو..
فالنبي (ص) كأنه عمل مشورى وكانت نتيجة هذه المشورة بأنهم يخرجوا ويعترضوا القافلة، كان عددهم تقريبا 314، تصوروا وكأن الله يغار عليهم ويقول لهم أنتم دفعة محمد ولستم قطاع طرق.. فينجي الله القافلة ولم ينجيها أبو سفيان، ويحضر قريش بخيلها وخلائها.. حيث اتت قريش بكامل قوتها 1000 فارس مهيأً لمعركة نظامية بكل أمكانية المعركة النظامية بينما الصحابة خرجوا وهم غير مهيئين لمعركة نظامية هنا النبي (ص) يقول لهم أشيروا عليا أيها الناس؟
فكان خلاصة كلامهم (والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن نقول لك اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون).
عندما كان هذا الموقف العام عند الصحابة الذين خرجوا مع الني (ص) وهذا الموقف كان على أثر فهم وهو ان الله دبر الأمر على هذا النحو.. ومعنى ذلك بأننا سنقاتل بموجب أمر الله سبحانه وتعالى..
النبي(ص) حدد مصارع القوم قبل أن تبدأ المعركة عندما رأى أصحابه على هذا النحو..
شوفوا الان كيف سارت المعركة بإدارة الله لها، تخيلوا ناس سيباتون العشي وسيصبحون على معركة يقاتلوا فمن اين سيأتيهم النوم؟
يعني تصوروا لو واحد معه معاملة يكاد النوم يطير من عينية فما بال الذي سيبكر يقاتل الصباح، يأتي هذا التثبيت من الله سبحانه وتعالى وهو (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ) بمعنى يغشيكم الله النعاس وكان الله يقول لهم ارقدوا انتم معكم بكرة شغل.. (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴿١١﴾) “الأنفال”.
طيب ماذا يعني؟
من خواص الجسد البشري بانه إذا نام في العراء وتعرض للبرد يحصل له احتلام فحتلم عدد كبير في الجيش وتصورا كذا الشيطان يبدأ يدق على حيله “ستقابلون الله وانتم جنب”؟
وبينما الشيطان يدق في هذا الاتجاه، الله يقول (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ) هذا مخصوص من اجلكم من اجل ان تغتسلوا فقط.. لاحظوا عناية الله.. عاد المسالة تحاك في نفوسهم وكأنهم يقولون
الله.. كيف سنصلي الفجر؟
كيف سنقابل العدو ونحن نجسين؟
عادها تحاك في النفس وإذا بالمطر ينزل ليعالج هذه المشكلة وبالتالي يذهب رجز الشيطان ويثبت به الاقدام.. ولعل مما دار في خلدهم أنه إذا كان الله عمل لي حل في هذه المشكلة فما بالك في المشاكل الكبيرة؟ بمعنى معية الله حاصلة..

هذا الحدث الأول الحدث الثاني
لاحظوا الان النبي (ص) يرى في المنام ان عدد العدو قليل وهذه في تأويل الرؤى معروف بان معناها بان قوتهم ضعيفة (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٤٣﴾) “الأنفال 43”.
هذا الان تقدر تقول عليه الجندي الثاني
البعد الثالث لاحظوا وهم مرتصفين للقتال ومواجهين لبعض تحصل مخادعة بصرية يقول الله سبحانه وتعالى فيها (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٤٤﴾) هنا تقول ما الحكمة بان المسلمين يشوفوا الكفار قليل وهذا من أجل ان ترتفع معنوياتهم، لكن العكس.. وهو ان الكفار يشوفوا المسلمين قليل ما الحكمة من ذلك؟
هنا وكأنه في تفسير ابن كثير واحد من الكفار يسأل الي جنبه يقول كم تظن القوم؟
قال أظنهم سبعين وربما يصلوا الى مائة..
لاحظوا الاغترار الذي سيحصل عند الكفار يقول لك مائة نفر ربع ساعة وخلصنا عليهم، في هذه اللحظة النبي (ص) يؤمر بأخذ حفنه من تراب ويرمي بها..
تخيلوا رمية بشر لكنها كانت بأمر من الله سبحانه وتعالى.. ومادامت بأمر من الله كما رئينا في اللقاء الماضي بانه عندما يأمرك الله بأمر لا يعود شيء اسمة مش معقول..
تصوروا هذا التراب وقع في عين كل كافر وجلسوا فقط يمسحوا عيونهم من هذا التراب ومجرد ما يفتحوا عيونهم واذا بهذه المفاجئة تحصل (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَ‌ٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿١٣﴾) “آل عمران” ما الذي حصل؟
تخيلوا الحالة المعنوية كيف كانت عندهم اول الأمر عندما رأوهم سبعين الى مائة ومجرد ما يمسحوا اعينهم فجأة يروا الأفق أمتلئ.. وكأنهم يقولون كمين.. خدعنا.. فت (شق أو كسر) في اعضدهم قبل أن تبدا المعركة.
لاحظوا الان المعركة ستبدأ وحصلت الاستغاثة من الصحابة رضوان الله عليهم (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿٩﴾) “الأنفال” لاحظوا هؤلاء 1000.
اية اخرى تقول (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ ﴿١٢٤﴾ بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿١٢٥﴾) “آل عمران” يعني لاحظ مجموع هذه الآيات 5000+3000+10.0= 9000 ملك في ميدان المعركة..

لماذا؟
لأنهم ضبطوا الحدث على انه مراد الله وكما رئينا في اللقاء الماضي مادام مراد الله وانت تنفذ مراد الله يبقى توقع الامر بموجب كمال الله سبحانه وتعالى..
لاحظوا الان ادارة المعركة اين تكون أو غرفة عمليات المعركة كما يقولون (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) لا اله الا الله 9000 ملك والله يقول لهم اني معكم ما أصاله أبو جهل وفرسانه الألف.. (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) وهذا جندي اخير أتى.. تصور الله يقذف الرعب في قلوب الكفار (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴿١٢﴾) “الأنفال” الان تأتي التحذيرات على ضوء هذا العرض..
فما هي التحذيرات؟
(وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿١٢٦﴾) “آل عمران” بمعنى انتبهوا تقولوا لو لم يكونوا الملائكة كنا لن ننتصر.. الأمر لله خالص.. تأتي آية ثاني تؤكد (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿١٠﴾) “الأنفال” كلام منتهي.. ليختم الله هذا العرض بقوله تعالى (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٢٣﴾) “آل عمران” هنا توجد لفته.. كأنه كان متوقع ان يقول لهم الله “ولقد نصركم وانتم أذلة لعلكم تشكرون” فما دلالة فتقوا الله هنا؟
اتقوا الله يعني انتبهوا تقولوا الملائكة.. هنا معنى فتقوا الله.. أنسبوا الأمر خالصا لله فاذا نسبتم الأمر خالصا لله سيترتب على ذلك شكركم لله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٢٣﴾) “آل عمران” هذا ما كان يوم بدر حيث سارت الامور على هذا النحو ونصرهم الله ذلك النصر المؤزر.
يوم أحد
يوم أحد خرج النبي(ص) لمقابلة جيش الكفار ورتب النبي(ص) الجيش وجعل خمسين من الرماة على الجبل وقال لهم لا تنزلوا من الجبل ولو تخطفتنا الطير.. وأمر رسول الله هو امر الله.
تصوروا الله الان لم يذكر لا جنود ولا ملائكة ولا شيء.. امد الجيش نفسه (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ).
يعني ليس بالضرورة ان يكونوا الملائكة بل ينصرك الله بما شاء (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ) “آل عمران 152” ماذا كان الفشل هنا؟
تصوروا انتصروا وقدهم يجمعوا الغنائم، لكن الذين في الجبل من الرُمات أربعين منهم قالوا خلاص انتصرنا.. بينما قائد الرُمات يقول لهم رسول الله يقول لنا لا ننزل، فأربعين منهم غلبوا العقل على أمر الله.
لاحظوا لعله كان يدور في خلدهم بما أنهم قدهم يجمعون الغنائم إذاً يعد لوجودنا هنا لزمة فالننزل.
مخالفتهم لأمر رسول الله ونزولهم قلبوا موازين المعركة رأساً على عقب بمخالفت الأربعين فقط (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٥٢﴾) “آل عمران”.
استوت تلك التي الكارثة وتصوروا النبي(ص) لم يتعرض في أي معركة لما تعرض له في يوم أحد بسبب مخالفة هؤلاء.. كسرت رباعيته ويعلم الله كم قتل من المسلمين حينها على أثر هذه المخالفات..
تصوروا أمر الله يأتيهم اليوم الثاني للمعركة يقول لهم تجهزوا أنتم فقط الذين شاركتكم في المعركة وهم مثخنين بالجراح.. يقول لهم بكرة تقابلوا العدو..
طيب نقابل العدو ونحن بهذه الحال.. لكنهم تلقوا الدرس دار في باطنهم هذا القول بمخالفتنا لأمر الله حصل الذي حصل وذا الحين الله يقول لنا لاقوهم ومادام الله أمرنا بان نلاقي العدو سنلاقيهم ولو حبوا.. ننفذ أمر الله ويكفينا درس أمس..
لاحظوا هنا مصلحة الكفار ما هي؟
زادوا جمعوا (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) إذا كان أمس حصل وقريش لوحدها أما الان جمعوا لهم أحلاف فيخوفوهم بهؤلاء الجمع (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣﴾) “آل عمران” نحن لسنا معتمدين على أنفسنا ولا على قدراتنا فنحن الان في أقصى حالات الضعف..
عندما حصل منهم هذا الثبات على هذا المفهوم واننا ننفذ أمر الله وان كنا في هذا الحال من الضعف الله على طول صرف الكفار (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣﴾ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴿١٧٤﴾) ليقول بعد ذلك (انما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه) ليكن عدوك باي قوة كان طالما وانت ممتثل لأمر الله وتقاتل على انه امر الله ليكن العدو باي قوة كان وانتبه يخوفك الشيطان منهم (إِنَّمَا ذَ‌ٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾) “آل عمران”
يوم الحديبية
يوم الحديبة خرج النبي (ص) ذاهب الى مكة من اجل أن يعتمر لم يخرج من اجل القتال.. قريش علمت بذلك واتت اليه وقالت له بيننا وبينك معارك ولو دخلت مكة علينا بهذه الطريقة فمعناه انت تسقط مكانتنا بين العرب، فنبي (ص) يقل لك (لعل ما دار في خلد النبي (ص)) ندخل نعتمر ونريق دماء.. كان امر الله له بان يرجع.. لان النبي(ص) لم يتصرف من عند نفسه فقبل المفاوضة مع قريش.
ولاحظوا الى أي درجة تنازل النبي (ص)..
قال للكاتب أكتب بسم الله الرحمن الرحيم.
فقالوا لا لو اننا مؤمنين بما تقول لما قاتلناك بل اكتب بسمك الله هم كما نكتب نحن الاتفاقيات..

هذا ما عاهد عليه محمد رسول الله ..
فقالوا لو أننا نؤمن بانك رسول الله لما قاتلناك.. فقالوا أمسح رسول الله..
يعني لاحظوا الى أي درجة من التنازل.. خضع لمراد العدو واعتبر ذلك مراد الله..
تصوروا هذا الموقف الصعب لم يقبلوا به الصحابة بقيادة عمر ابن الخطاب حيث يقول له
يا رسول الله السنا على حق.
قال بلى.
قال اوليسوا على الباطل.
قال بلى.
قال فلما نرضى الدنية في ديننا؟
فقال له يا عمر انا رسول الله.. يعني لم أعمل حاجة من عندي.
يكاد يكون المجموع حصل له موقف صعب، بان يقبلوا مسالة مثل هذه.. أبو بكر وحده هو من ثبت.. يقول لعمر الزم غرزك يا ابن الخطاب انه رسول الله..
فيأمرهم النبي (ص) بان يبعدوا الاحرام وينحروا فلم يرضوا..
فيُنقض الله المجموع بأم سلمة حيث قالت لرسول الله (ص) انهم يحبونك فاخرج انت وتحلل وذبحت وهم سيعملون مثلك.. فكان منه ذلك وحصل منهم ما حصل.
تصوروا الان الحدث ما هو؟
اعطاء الكفار ما يريدون، لكن على اعتبار انهم نفذوه على انه مراد الله فهذا فتح..
فنزلت (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴿١﴾) “الفتح”.
ان يصل الانسان الى انه يغلب مراد الله على هواه وعلى مراده فهذا فتح كبير وليس بقليل ولذلك الله يذكر في اية ويقول (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم) فمن سيقبل المسألة؟
لكن الله يقول لك انا أمرتك فأفعل..
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾) “النساء”
إذاً كما ترون فبإعطاء الحدث مراد الله فان قوة الله معك.. وهذا يعتبر فتح ونزلت (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴿١﴾) “الفتح”..
لتأتي معركة الأحزاب
في معركة الاحزاب جاءت قريش بذلك العدد الهائل (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴿١٠﴾ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴿١١﴾ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴿١٢﴾) “الأحزاب” لاحظوا كان الغرض من هذا هو أن تظهر هذه المجموعة.. فقال لهم ارجعوا أنتم شق.. الذين يقولون ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا.
المؤمنون أنتم ماذا تقولون؟ (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴿٢٢﴾) “الأحزاب” نحن نسير بموجب مراد الله وهذا الله سبحانه وتعالى كتبه علينا ونحن قابلين قابلين..
عندما حصل هذا التمايز بحيث تمايز المنافقون عن المؤمنين قال لهم الله انا من سيقاتل وهي الآية التي قول الله فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا) وانتم تشاهدون (وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴿٩﴾) “الأحزاب” نصرهم الله وهم يشاهدون فقط..
ليأتي بعد ذلك فتح مكة والذي وعد الله سبحانه وتعالى بهذا الفتح قبل أن يأتي ودخل النبي(ص) مكة وذالكم الذين حاربوه يقول لهم
ما تظنون أنى فاعل بكم؟
فقالوا له معروف من انت.. انت محمد أخ كريم ابن اخ كريم..
قال أذهبوا فأنتم الطلقاء.. أقول لكم ما قال يوسف لإخوانه لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم.
يفهم من هذه الأحداث بان نصر الله مع الانسان متى ما عاش الحدث على انه مراد الله وكان الخاتمة التي تثبت هذ المسألة يوم حنين
يوم حنين كان عدد المسلمين أكثر من عدد العدو لكن حصل ما حصل يوم أحد من مخالفة الاربعين فحصل يوم حنين مخالفة من بعض المسلمين الجدد في الاغترار بالمجموع (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ) الله الذي نصركم وليس مجاميعكم ولا عضلاتكم ولا الملائكة (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴿٢٥﴾)”التوبة”
تخيلوا النبي (ص) يَثبُت في هذا الموقف قال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ويدعي (ينادي) يا اصحاب بيعة الرضوان ويا اصحاب ….. فكان الواحد منهم يسمع الكلام ويأتي ليلتفت بفرسه فلا يستطيع من حجم الجيش الهارب فينزل من فرسه ويرجع ماشياً.. وفي أرجح الروايات يقولون الذين وصلوا الى النبي (ص) مائة نفر فنصرهم الله بهذه المائة (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَ‌ٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴿٢٦﴾) “التوبة”.
فنلاحظ إذاً من مجموع معارك النبي(ص) بان النصر حليف من عاش اللحظة وسواء كانت معركة أو غيرها على مراد الله، وربما طرحنا في اللقاء السابق شروط عيش اللحظة على مراد الله وهي:
1- أن يعتبر ما يقوم به هو أمر الله.
2- أن يكون هذا الفعل هو اخر حدث، وألا يبقي بال الواحد مشغول بانه سيعمل او سيسوي بعد هذا.
3- أن يقدم أفضل ما عنده.
فإذا ثبت الواحد على هذه المفاهيم كان النصر حليفه.
اضافه الى هذا المعنى يتبين لنا بان نصر الله ليس له شكل تقليدي، تلاحظوا بانه في مجموع المعارك التي ذكرناها ما يلي
يا ينصر الله بمجموع قليل كما حصل في المائة نفر في يوم حنين.
يا ينصر الله بالمجموع كامل كما حصل يوم أحد في البداية.
يا ينصر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالملائكة كما حصل يوم بدر حين أمدهم بالملائكة.
يا يحصل ان الله يمدهم بجنود لا ترى وليس شرطا ان يكونوا ملائكة (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) “الفتح 7” وكما قال (وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا) “الأحزاب 9”.
يا ينصر الله سبحانه وتعالى المسلمين أو المؤمنين بسبب مادي مثل الريح..
يا ينصر الله سبحانه وتعالى المسلمين بان يقذف في قلوب الكفار ما يقذف ويجعلهم ينسحبوا من دون ان تحدث معركة كما حصل اليوم الثاني من احد.
حيث انسحبوا وبدون ما يقاتلوا مع انه بالعقل وبأنهم قد جمعوا وفي اليوم السابق كان الموقف لصالحهم فالمفترض بموجب معطيات العقل يستمروا لكن يعلم الله ماذا قذف في قلوبهم وخلاهم ينسحبوا لكون صحابة رسول الله رضوان الله عليهم ثبتوا ذلك الثبات..
إذاً نصر الله سبحانه وتعالى ليس له شكل تقليدي معين حيث لا نستطيع ان نقول إذا لم يحصل بالشكل المحدد لم يحصل نصر لا.. انت تثق بان الله سينصرك والكيفية التي ينصرك الله فيها لا تعلم ما هي، قد يجعلك انت سبب النصر وقد يأتي بملائكة.
لاحظوا حادثة الحديبية كانت أقواهِن بالامتثال لمراد الله سبحانه وتعالى حيث ان نصرك في مرحلة من المراحل يكون بان تعطي عدوك ما يريد وتعتبر بان ذلك مراد الله.
نصر الله سبحانه وتعالى بموجب هذه المعطيات له اشكال مختلفة وليس له شكل تقليدي معين. فقط كيف يعيش الواحد على هذه المفاهيم (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) “الحج 40” بموجب هذه الشروط التي طرحناها.
تأتي ايه يقول الله سبحانه وتعالى فيها (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾) “الحج” يعني الذي يظن ان الله لن ينصره يشتنق وان النصر ليس الا من عند الله ومن اجل ان ينصرك الله لازم تعيش الحدث بهذه الشروط والذي يظن بأن هناك نصر غير كذا يشتنق (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾) “الحج”.
إذاً خلاصة الأمر وما النصر الا من عند الله وكما قلنا نصر الله ليس له شكل تقليدي وهو بمعنى إذا لم يحصل الشكل الفلاني او القوة الفلانية معناته ليس هناك نصر لا.. نصر الله له صور مختلفة كما رئينا في أمثلة المعارك ويجعل الله سبحانه وتعالى احيانا سبب شعوري في النصر مثلا في معركة اليهود الذين دخلوا حصونهم ولاحظوا كانت حصون منيعة لم يقدر المسلمين على اقتحامها (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم) لاحظوا الاغترار لم يقولوا من المسلمين (مِّنَ اللَّهِ) يعني لاحظوا الذين لا يعرفون الله يقولون نحن معانا حصون وبالتالي لا يقدرون ان يصلوا لنا (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) بماذا؟ (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿٢﴾) “الحشر” تخيلوا يقذف الله جندي وهو الرعب ويقومون يفتحون الابواب هم.
فاذا نصر الله سبحانه وتعالى ليس له شكل تقليدي كما قلنا (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ) “آال عمران 126” ومن كان يظن بانه هناك ناصر غير الله فاليشتنق.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم..
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده مباركا معصوما وان لا تجعل فينا ولا معنا شقيا ولا محروما واغفر اللهم لنا وللسامعين والقارئين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى