كمال الإصطفاء العيش على مراد الله

الدرس العاشر
تاريخ الدرس / 09-08-1444
المحاضر / الشيخ المهندس محمد المقرمي
كتابة / المهندس شمسان المقرمي

الحمد الله الذي أحاط سمعه بأقوال العباد فسواً منكم من أسر القول ومن جهر به والحمد لله الذي أحاط بصره بأفعالهم فسواً منكم من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار والحمد لله الذي أحاط علمه بمكنون الضمائر والصدور فأسروا قولكم أو إجهروا به إنه عليم بذات لصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير..
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيء قدير واليه المصير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأتباع أوامره واجتناب نواهيه أما بعد..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١٣﴾ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿١٤﴾ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴿١٥﴾) “الملك”
لاحظوا هذه الآيات تبين أن الله سبحانه وتعالى ذلل هذه الأرض للإنسان وقال له إمشي بهدوء لأن اللفظ جاء (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) هنا يعني بأن رزقك من الله سبحانه وتعالى فإذا وحد الإنسان الله سبحانه وتعالى في مسألة الرزق وأصبح لا يشغله هنا سيرى قدرت الله سبحانه وتعالى وسيرى ما أراده الله سبحانه وتعالى منه أن يراه لاحظوا تكملة الاية (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴿١٥﴾) بمعنى أنك ستموت وستبعث ، هنا الانسان وعلى ضوء هذه الحقيقة وعلى ضوء هذا الفهم يبدأ يدرك بانه محتاج بأن يعمل حسابه لما بعد الموت.. لأن القضية الكبرى التي تشغلني بهذه الحياة هي مسألة الرزق حيث يقول لك الله الرزق كفلته لك بدليل قوله (وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) يعني ليس من رزق أحد..
فيبدأ الإنسان هنا ينظر في هذه الحياة لمراد الله سبحانه وتعالى منه، هنا يأتي الله سبحانه وتعالى بفعل آخر غير فمشوا.. لاحظوا الآن ماذا سيقول (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ) “العنكبوت 20”.
لاحظ الآن لم تعد قضية رزق تشغله أصبح الآن ينظر الى قدرة الله وخلقه سبحانه وتعالى وإعادة خلقه بعد هذه الحياة (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٠﴾) “العنكبوت” بدأ الإنسان هنا يرى قدرة الله سبحانه وتعالى وكمال قدرة الله سبحانه وتعالى ولأن الإنسان ليس بذلك الضبط.. بمعنى له ذوب وأخطاء من مخالفته لأمر الله وإتيانه لما نها الله سبحانه وتعالى عنه وعِلمه بأنه سيحاسب على هذه المعاني بعد الموت يبدأ يحاول يغطي هذه المسألة ولذلك تجد الله سبحانه وتعالى يقول لهم (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) مغفرة من ماذا؟
من مخالفة الإنسان وأخطائه وعدم إدراكه لمراد الله منه (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَ‌ٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿٢١﴾) “الحديد”.
يبدأ الإنسان الآن يعيش المسألة ببعد أكبر لاحظوا
قال (فَامْشُوا) “الملك15”
وقال (سِيرُوا) “العنكبوت20”
وقال (سَابِقُوا) “الحديد21”
الآن سيقول (وَسَارِعُوا)
( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ) “آل عمران 133”
لاحظوا الأولى قال عرضها كعرض السماء والارض الان عرضها السماوات (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٣٣﴾) من هم؟ (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾) “آل عمران 134”.
فتلاحظوا أن الانسان هنا بدأت قضية تشغله وهي أنه يريد أن يصحح أخطائه بطلب المغفرة الى الله سبحانه وتعالى وعندما يعيش الإنسان هذا البعد يصل الى هذا الحال وهو:
لماذا لا أعيش حالت كمال العبودية بمعنى أعيش مراد الله مني على مدار الساعة بدل ما ألخبط وأعيش أمر الله فقط في أوقات معينة لماذا لا أعيش مراد الله مني على مدار اللحظة.. لهذا لم يقل امشوا ولم يقل سارعوا ولكن قال (فَفِرُّوا..)
(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٥٠﴾ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٥١﴾) “الذاريات”.

لاحظوا الآيتين هاتين لو عملناهم بشكل معادلات:
لو عملنا هذه طرف أيمن وهذه كرف أيسر..
(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٥٠﴾)
(وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٥١﴾)
في المعادلات نشطب الطرفين المتساويين والتي ستكون (إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) سيبقى.. (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) معناها (وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ)..
في أي حين سيصل الإنسان إلى أنه لا يجعل مع الله إله آخر؟ ذلك عندما يعيش اللحظة على مراد الله سبحانه وتعالى.
كمال الانسان هو أن يعيش اللحظة على مراد الله ونحن جيل صناعي ندرك أن أي حاجة صنعها صانع ونريد ان نستفيد منها إستفادة كاملة لازم نشغلها بموجب تعليمات صانعها.
إذاً هذا الإنسان صنعه الله أي خلقه الله وبالتالي من أجل ان يتحقق كماله الذي خلقه الله عليه لازم يعيش على مراد الله على مدار اللحظة وهنا عندما يبدأ الإنسان يعيش هذه المعاناة بأنه أنا يا رب أريد أن أتحقق بكمال عبوديتك وأريد أعيش اللحظة على مرادك هنا يبدأ الله بتوجيهه يقول له مثلا قل كذا وهو
(قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١٨٨﴾) “الأعراف” لاحظوا معي هذه الآية
(لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا) نحن قلنا من أجل أن يصل الإنسان الى كماله، وكماله أن يتحقق بالمنفعة ويخرج من المضرة.. ولا يمكن له أن يصل إلى هذه النقطة الا إذا عاش لحظته على مراد الله سبحانه وتعالى ولذلك يقول هنا (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) لأنه عندي تجربة في الماضي ” هذه خالفت فيها ، وهذه لم أجيب أمر الله فيها ” فلم تمشي الأمور على هذا النحو..
لكن هذا الكلام الان لاحظوا (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يعني ليس كل الناس سيأخذون هذه المسألة (نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) يؤمنون بماذا؟
يؤمنون بأن كمال هذا الإنسان لا يكون إلا إذا تحقق أن يعيش لحظته على مراد الله وستكون هذا خلاصة موضوع اليوم..
لاحظوا الله أمر الواحد أن يقول هذا القول والآن يأمره بأن يقول قول آخر وقد أصبح يدعوا إلى هذه الحقيقة مثل قوله تعالى (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قال له قل أنت (قُلِ اللَّهُ) (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ) لم يقل لا يملكون لكم بل قال (لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ) “الرعد16”
لاحظوا الآن الفكرة كيف ستتركب.. كما أنك اقتنعت بأنك لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله وهذا بمعنى أن أصل الى المنفعة الخالصة وأن أصل الى أن أعيش لحظتي على مراد الله..
طيب هؤلاء المسميات والقوى العظمى وغيرها هم أيضاً من خلق الله وهم أيضاً لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً إلا في حالة واحدة بانهم عاشوا لحظتهم على مراد الله وكونهم لا يملكون لأنفسهم فمن باب أولا أنهم لا يملكون لي أيضاً.. فطالما لا يملك لنفسه فمن باب أولا انه لا يملك لي، فتلاحظوا الإنسان هنا سيبدأ يتحرر مما سوى الله..
(قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿١٦﴾) “الرعد”
متى ما وصل الإنسان إلى أنه يعيش لحظته على مراد الله وقهر في نفسه كل هوى وقهر في نفسه كل فكرة تخالف هذا المفهوم وأنه يعيش لحظته على مراد الله سبحانه وتعالى هذا يا أبنائي كمال توحيد الله عند الإنسان وهذا هو الدين القيم وهذه هي ملة إبراهيم، ولذلك تجد الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف علية السلام يبين لهم هذه الحقيقة لاحظوا قال لهم (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَ‌ٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) لأن الانسان اذا انضبط على مراد الله هنا يعلمه الله (ذَ‌ٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) “يوسف 37”
طيب كيف وصلت الى أنه يعلمني ربي؟
(إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿٣٧﴾) لاحظوا (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)..
طيب ما هي خلاصة ملة إبراهيم واسحاق ويعقوب (مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ) لاحظوا لم يقل ما كان لنا ان نشرك بالله شيئا.. (مِن شَيْءٍ) يعني حتى مجرد الخاطرة أصبح يعيشها على مراد الله..
(مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ ذَ‌ٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ) يعني الناس كلهم خاضعين لهذا المفهوم فإذا وصل الى أنه يعيش لحظته على هذا الفهم من توحيده لله سبحانه وتعالى وأخضع مشاعره ونواياه تصرفاته وأقواله وأفعاله على مراد الله هذا فضل الله على الناس جميعا (ذَ‌ٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٣٨﴾) “يوسف” طيب لماذا لم يقل لا يعلمون؟
لماذا قال لا يشكرون؟
متى يشكر الإنسان الله؟
عندما يسند الأمر لله..
لاحظوا من أدعية الصباح والمساء التي نقولها (اللهم ما اصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر) يعني لن يصل الإنسان الى أنه يشكر الله إلا إذا عاش لحظته على مراد الله ورأى كل شيء من الله سبحانه وتعالى فثمرت التوحيد بأن الإنسان يدخل بُعد الشكر وإذا دخل يا أبنائي الإنسان بعد الشكر لا يحصل له النقص (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) “إبراهيم 7”.
(ذَ‌ٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٣٨﴾ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ) “يوسف” لاحظوا هذه المفارقة البديعة:
أرباب متفرقون لا يحتكمون لثابت.
أرباب متفرقون في ذواتهم تحكمهم أهواء.
أرباب متفرقون مع غيرهم.
(أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٣٩﴾) أكيد الله الواحد القهار (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ) أي مسمى خضع الإنسان لمراده هو مجرد مسمى لا أقل ولا أكثر (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَ‌ٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٠﴾) “يوسف”
إذاً :-
الدين القيم هو إتباع لملة إبراهيم.
الدين الخالص أن يعيش الانسان لحظته على مراد الله سبحانه وتعالى.
وتصبح القضية الكبرى التي تشغله ماذا يريد الله مني، وليس ماذا أريد أنا أو ماذا يريد الخلق..
الكمال هو ان يصل الإنسان الى أنه يعيش لحظته على مراد الله فإذا تحقق بأنه عاش على مراد الله تحقق بكماله الإنساني.
ولذلك لاحظ الله سبحانه وتعالى يأمر الانسان بأن يقول هذا القول (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ﴿١٤﴾) “الزمر 14” طيب كيف مخلصاً له الدين؟
في آية قرآنية بين لك ما معنى مخلصاً له الدين قول الله سبحانه وتعالى (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا) لاحظوا ظروف الإبحار آمنة بموجب الأسباب الطبيعية لكن حصلت هذه المفاجئة الآن (جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) بمعنى أنهم الآن لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يملك لهم أحد غير الله نفعاً ولا ضراً.. ولذلك كان توجههم الى الله هذا التوجه قال (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) لم يقل مخلصين له الدعاء بمعنى أنه اذا إلتفت القلب الى الله هذا الإلتفات وعاش لحظته ملتفتاً الى الله.. يسأل الله ويعيش اللحظة على مراد الله هذا هو الدين الخالص (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٢٢﴾ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) “يونس”.
ولذلك يأمرك الله سبحانه وتعالى أن تقول هذا القول (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ﴿١١﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾) “الزمر”.
لاحظوا لم يقل من المسلمين.. هذه الأولية في التدين الآن .. هذه مرتبة الأولية في التدين بأن يعيش الإنسان لحظته على مراد الله وهذا هو الدين الخالص (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٣﴾) أصبح خوفه من معصية ربه هو أن يعيش اللحظة على غير مراد الله (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ﴿١٤﴾) خلي هذه قناعتك الان (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَ‌ٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴿١٥﴾) “الزمر”.
الآن إقتنعت بهذا المفهوم وأن الدين الخالص لله هو أن تعيش لحظتك على مراد الله..
الآن قل هذا الكلام بصوت مرتفع للعالم كله (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) “يونس” لاحظوا لم يقل الذي خلقكم.. كذا.. من يقدر يمتنع عن الموت؟
لا أحد.. المسألة خالصة لله فكأنه يقول لهم لاحد يقدر يمنع عنكم الموت وكل أموركم، هكذا ولذلك قال قل لهم (وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٤﴾) ويُأكد له البقاء على هذا المفهوم بقوله (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٥﴾) “يونس”.
لا تعيش اللحظة على مراد نفسك أو على مراد أحد غير الله سبحانه وتعالى (وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ﴿١٠٦﴾) “يونس”.
وخليك على هذا الفهم وهو (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ) يعني غير الله لا أحد يقدر يعملك حاجة (فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٠٧﴾ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ) هذا هو الحق أن يعيش الإنسان لحظته على مراد الله (قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ﴿١٠٨﴾ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿١٠٩﴾) “يونس”
طيب ما الذي يوحى الك من ربك؟
خلاصة ما يوحى إليك من ربك هو أن تعيش لحظتك على مراده سبحانه وتعالى ليأتي بعد ذلك يقول لك الله سبحانه وتعالى وصلت الى هذا العمق والناس كلهم لم يصدقوك وبقيت على هذا وصبرت بأن الله يحكم بينك وبينهم يقول لك في مرحلة هذا الصبر أنت في أعيننا (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٤٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴿٤٩﴾) “الطور” هنا أنت تعيش اللحظة على مراد الله بهذا التسبيح وبهذا الذكر.
الآن يقول لك الله قل لهم شوفوا أخبار الأمم السابقة التي لم تقبل هذا المفهوم (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾ قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ) “الأنعام” لمن ما في السماوات والأرض إيجادا وتكوينا وتدبيرا وكل شيء في السماوات والأرض هذه يسير على مراد الله (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾) لا يؤمنون بهذه الحقيقة.. (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿١٣﴾ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٤﴾ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥﴾ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَ‌ٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴿١٦﴾) “الأنعام”
لاحظوا تكرار الحقيقة بأن هؤلاء الخلق لا يقدرون على أن يعملوا لك حاجة (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٧﴾ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿١٨﴾ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً) “الأنعام” هل تريدون شهادة على هذا القول ؟
ليس لي شهود الا الله (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ) “الأنعام 19”.
على أن كمال الإنسان لا يتحقق إلا إذا عاش على مراد الله.. شهادي الوحيد هو الله الذي خلق هذا الإنسان (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿١٩﴾) بهذا القول أنت أصبحت منذر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾) “ص” ما من إله إلا الله الواحد القهار.
هنا تلاحظوا بأن الواحد وصل الى هذه النقطة من التحقق بأن يعيش لحظته على مراد الله هذه هي ملة إبراهيم..
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾) لاحظوا (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ) معناها جميع لحظات حياتي (وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَ‌ٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٦٣﴾) “الأنعام” هنا تحقق الإنسان بأولوية التدين وهو أنه عاش لحظته على مراد الله الى موته (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا) طالما والأمور على هذا النحو (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿١٦٤﴾ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٦٥﴾) “الأنعام”.
يا أبنائي إذا وصل الإنسان الى هذه اللحظة من توحيد الله سبحانه وتعالى وهو أن يعيش لحظته على مراد الله سبحانه وتعالى هنا يحصل له الإصطفاء (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٧٥﴾) “الحج” أصبح هذا الإنسان الذي إصطفاه الله سبحانه وتعالى وكمال إصطفائه من الله يصبح أنه يدعوا الى الله (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ) لاحظوا (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾) “النمل”.
يصبح هذا الإنسان يدعوا الى الله على بصيرة ويسأل هذه الأسئلة وكأنه قولك أنت الآن ودعوتك (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٦٤﴾) “النمل”.
وأي برهان سيكون لمن لم يعرف الله سبحانه وتعالى أو عبد غير الله وعاش لحظته على غير مراد الله سبحانه وتعالى.
هنا الله يقول لك الان هذه طريقك (قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ) يعني ليست المسألة مجرد كلام.. على بصيرة ورؤية واضحة (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨﴾) “يوسف”
ليقول لك أيضاً قل هذا القول وهو (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) ما هو الفرق (يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ) “الكهف 110” هذا هو الفراق أما أنا فبشر مثلكم آكل وأشرب مثلكم لكن الآن الفكر الذي أعيشه والوحي الذي من الله سبحانه وتعالى هو أن الله هو الواحد القهار وهو الإله الواحد لا يوجد غيره (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾) “الكهف “.
تصوروا ماذا سيطلع العمل الصالح هنا..
هو أن يعيش اللحظة على مراد الله سبحانه وتعالى..
السؤال هو هل وصل الإنسان بشكل عام الى أنه يعرف هذه الحقيقة وهي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقني والله سبحانه وتعالى خلقني على كمال متميز به كما أنه خلقني بصورة تختلف عن كل الخلق وبصمتي تختلف عن بصمة كل الخلق وصوتي يختلف عن صوت كل الخلق بمعنى أنت شخص متميز بكُليتك لا يوجد أحد يشبهك..
هناك أيضاً كمال لا يتفق به معك إنسان وكم من الخلق عاشوا وماتوا دون أن يصلوا الى نقطة كمالهم ولم يعرفوا كمالهم فمتى ما وصل الإنسان الى هذا الفهم وبأنه هل أصبحت قضيتي هذه الآن مثل ما أصبحت قضيتي باني أدور “أبحث” عن شغل.. مثل ما أصبحت قضيتي في فترة من الفترات بأني أنجح.. مثل ما اصبحت قضيتي بأني أتزوج..
بمعنى في قضية عشتها لفترة وفكرت فيها ليل ونهار هل أصبحت هذه القضية عندك بهذا البعد وأصبحت كذا تسأل نفسك كيف أحقق كمال عبوديتي لله، وإذا وصل الإنسان الى هذا البعد وعاش هذا الفهم بأنه أنا يا رب أريد أن أتحقق بكمال عبوديتي لك وأصبحت هذه معاناتي وهذا مطلبي الآن متى ما وصل الإنسان الى هذا العمق أكيد الله سبحانه وتعالى سيصطفيه وسيختاره لما خلقه له وسيظهر كماله وسيجعله أثراً دالاً على الله..
قلت ما قال الله.. قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين الحاضرين والغائبين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى