إذن الله
الدرس التاسع
تاريخ الدرس / 02-08-1444
المحاضر / الشيخ المهندس محمد المقرمي
كتابة / المهندس شمسان المقرمي
لك الحمد يا الله كم شدني وجد لحمدك اجلالاً لك الشكر والحمد
لك الحمد ان القرب منك وسيلة اليك وما البعد يا سيدي بعد
لك الحمد والاغصان مالت وسبحت وفاحت بأنسام الرضا هذه الورد
لك الحمد والانسام بالحمد كم غدت وبشرى رياح الخير بالبشر كم تغد
لك الحمد والاشجان في دمع خدها دموع جرى من خد دمعتها خد
لك الحمد حمدا يسلم الحر حره ويمسي بلا برد هنا ذلك البرد
لك الحمد حمدا يفقد المر مره ويغدوا عناء الجهد ليس له جهد
أقل قليل الحمد في أن وهبتنا عقولاً وما للناس عن حملنا بد
وعلمتنا من فيض علمك ما به عرفناك أنت الله والواحد الفرد
ونورتنا من فيض نورك ما به دنا منك عبد حضه أنه عبد
وتهتز بالتسبيح روحي كأنما بها قد أضاء البرق ونفجر الرعد
على انه لن تبلغ الحمد أحرفي فكيف بحمد ليس في حصرة حد
وكيف بحمد لو جمعنا بحارنا وأشجارنا في عدها يعجز العد
ويبدوا لنا في ذكرك الحب والرضى أدم سيدي هذا الشعور الذي يبد
أدم سيدي هذا الشعور الذي يبد..
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيء قدير واليه المصير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد …
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وأتباع أوامره واجتناب نواهيه أما بعد..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴿٢٥٥﴾) “البقرة” هذه الآية من كتاب الله سبحانه وتعالى تحمل وتبين كمال الله سبحانه وتعالى..
للَّهُ الإسم الدال على كمال ذاته..
لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ دلالة على كمال وحدانيته..
الْحَيُّ الإسم الدال على كمال صفاته..
الْقَيُّومُ الإسم الدال على كمال أفعاله..
لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لدلالة على كمال قيوميته.. ومعنى كمال قيوميته أنه لا يغيب ولا يغفل (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ﴿١٧﴾) “المؤمنين”
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ۖ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴿٧﴾) “الأعراف”
إذاً لا لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ تدل على كمال قيوميته سبحانه وتعالى وعدم غيابه وغفلته..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ خلقاً وتكويناً..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ملكاً..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ تدبيراً..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ تسخيراً..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أمراً..
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إذناً..
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ لدلالة على كمال سيطرته على ملكه..
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ لدلالة على كمال علمه..
وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ لدلالة على كمال مشيئته..
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ دلالة على سعت هيمنته على كل جزئية في ملكه..
أنظروا مثلاً لقوله تعالى (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٥٩﴾) “الأنعام”..
إذاً وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا للدلالة على قدرته..
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ جل جلال الله تعالى شأن الله العلي العظيم..
هذه الأية آية الكرسي..
(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) “لقمان 27” وسنقف فقط مع جزئية في آية الكرسي وهي قوله سبحانه وتعالى (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وسيكون موضوع حديثنا بما يفتح الله سبحانه وتعالى بهذا المقام الطيب المبارك..
إذن الله وليست الشفاعة لكن لا بأس أن نقول شيء عن الشفاعة ولكن ليست شفاعة يوم القيامة بل تحصل شفاعة في الدنيا كيف ذلك؟
لاحظوا بأن لو واحد يريد ان يشفع لآخر فلا يشفع.. يعني يريد ان يساعده في حل مشكلة ما لكن لا يُقبل ويجد واحد ثاني يُقبل.. طيب في إحتمال بأنهم يأتون واحد واثنين وثلاثة ليشفعوا فلا يقبلون..
إذاً المسألة خاضعة لأذن الله سبحانه وتعالى ورضا الله سبحانه وتعالى (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ) “الأنبياء 28” يعني الشفاعة ليست لأي واحد فقط لمن أرتضى ان يُشفع له والشافع لا يشفع إلا إذا رضي له الرحمن وأذن له قولا وهذا أمر مدرك في حيات الناس ولن نتكلم عن الشفاعة يوم القيامة..
ولكن كما قلت موضوع حديثنا هو أذن الله سبحانه وتعالى
طيب من أجل أن نعلم ماذا يعني إذن الله هناك ثلاثة مصطلحات ينبغي أن نفهمها وردت في أية في كتاب الله سبحانه وتعالى وهي الآية التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ) لاحظوا هنا الفعل سخر (وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٥﴾) “الحج”
ماذا يعني؟ ما هو الأمر وما هو الأذن وما هو التسخير؟
أظن بلغة اليوم ممكن نسهل المسألة على سبيل المثال نحن كنا موظفين في هيئة الطيران ويأتي إلي أمر تكليف بذهاب الى منطقة مثلاً سقطرى هذا أمر الآن.. لعمل شيء معين هناك وبموجب هذا الأمر تتسخر كل الأسباب الازمة هناك بأذن من الجهة لإكمال مهمتي.. أظن أتضح الفرق بين الأمر والتسخير والأذن.
نأتي لننظر في أذن الله سبحانه وتعالى في حيثيات الإنسان في حياته طبعاً الموضوع كبير لكن سنحصره في قضيتين أو ثلاث..
– القضية الأولى قضية الإنتصار في المعارك
والتي هي أكبر حدث في حيات الناس.. تلاحظوا مثلاً في لقاء سابق تكلمنا عن بني إسرائيل ومعركة طالوت تلاحظوا بان الفئة المؤمنة والتي صمدت في الأخير كان لها قول كما أخبر الله سبحانه وتعالى (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً) لاحظوا (بِإِذْنِ اللَّهِ) من هؤلاء الذين قالوا هذا القول (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ) ربهم (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿٢٤٩﴾) “البقرة” لو لاحظتم هذه الدفعة كان عندهم ذلك الإلتزام بأمر الله الى تلك الدرجة ، تصورا بأنه كان هناك الأمر بانهم لا يشربون.. فيكون الحدث واحد سيدخل معركة وتقول له لا تشرب ، لكن عندما عكسوا بأنه امر الله يقول لك مادام الله أمرني يبقى أنا لازم أمتثل للأمر فكان امتثالهم لأمر الله على هذا النحو.. أذن الله لهم بانهم يهزمون أعدائهم يعني كان المفهوم عندهم على هذا النحو ولذلك تجد الله سبحانه وتعالى ماذا قال (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) يعلم الله ماهو الغيب الذي أشتغل معهم واتسخر وحصل لهم هذا الأذن بموجب إمتثالهم للأمر فهزموهم بأذن الله..
(فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٢٥١﴾) “البقرة”.
أن تسير الأمور على هذا النحو من سيطرة الله سبحانه وتعالى .
طيب تجدوا هذه المسألة حصلت أيضا مع الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة أحد عندما امتثلوا لأمر الرسول (ص) وبقوا على الجبل وقال لهم الرسول (ص) لا تنزلوا من الجبل ولو تخطفتنا الطير فحصل أن أذِن الله لهم بالإنتصار والغلبة (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ) “آل عمران 152” لماذا؟ لأنهم ممتثلين لأمر الله ورسوله، فالذي حصل وكأنه أربعين من الذين كانوا فوق الجبل رأوا أن الأمر أنتهى وقالوا خلاص انتهت المعركة وقدهم يجمعون الغنائم بينما عشرة بقيادة قائد المجموعة قال لهم لكن نحن مأمورين من قبل رسول الله بأن لا ننزل فهاذكم غلبوا عقولهم وقالوا خلاص معافيش حاجة (إنتهت المعركة) ونزلوا..
تصوروا انقلبت الأمور رئساً على عقب، يعني كان عندهم وبموجب إلتزامهم بالأمر إذن الله بالانتصار فعندما حصلت هذه المخالفة من قبل أربعين في الجيش وليس من الكل حصل أذن معاكس الان (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٦٦﴾) “آل عمران”.
إذاً تلاحظوا أنه متى مستقام الانسان على أمر الله وأمر رسوله كان الإذن معه في بلوغ غايته وإذا حصل منه مخالفة للأمر أنعكس هذا الأذن عليه وهذه سنة الله.
وتلاحظون أيضاً أنها حصلت في القديم مع بني إسرائيل وحصلت مع الصحابة وتظل سنة الله قائمة على هذا النحو، يعني كمال إذن الله سبحانه وتعالى يحصل للإنسان متى ما إستقام على مراد الله سبحانه وتعالى.
هذه أكبر الأشاء التي تحصل في حيات الناس والتي هي الإنتصارات في المعارك والغزوات.
– القضية الثانية كمال سيطرة الله على خلقه
لاحظوا أيضاً كمال سيطرة الله على خلقة الى أي درجة (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) “الأعراف 58” تصوروا كذا أن النبات لا يخرج الا بإذن ليعلم ما معنى كمال سيطرة الله على ملكه سبحانه وتعالى.
إذاً الأمور تسير على هذا النحو من أصغر شيء الى أكبر شيء، أما إذا نظرت في مسألة الملائكة فالأمر عاده أكثر وضوحاً..
لاحظوا في قول الله سبحانه وتعالى كأنه عن جبريل وهو يقول لرسول الله (ص) (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) يعني نحن لا نتحرك إلا بأمر (لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴿٦٤﴾) “مريم” ويقول الله سبحانه وتعالى في حق الملائكة في ليلة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾) “القدر”.
فإذا كما ترون بإن أذن الله سبحانه وتعالى في حياة الخلق من خروج النبات الى أكبر قضية في حياتهم من الإنتصارات والهزائم وما الا ذلك
– القضية الثالثة مسألة الموت..
الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٥﴾) “آل عمران” تصوروا هذه القضية لو ثُبتت عند الإنسان لو يجتمعوا أهل السماوات والارض على فرد والإذن لم يحصل بعد في الموت لا يقدرون أن يعملوا له حاجة.
لاحظوا القوة التي يتمتع بها الإنسان عندما يؤمن بحقيقة مثل هذه يعني لو اجتمعوا الخلائق كلهم عليه وهو فاهم الحقيقة على هذا النحو بانه أنا موتي بإذن من الله فإذا لم يحصل هذا الأذن يجتمعوا بكل ما يملكون من قوى، أما إذا الإذن حاصل فليس هناك لزمة لاجتماعهم لأن الموت سيكون سيكون (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) “آل عمران 145”.
– القضية الرابعة بعد الآخرة..
لو دخلنا بعد القيامة أو الآخرة وما بعد الموت تصوروا هذا المشهد العجيب (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾) “طه” نحن نقرأ الآية هكذا ولا نتصور الحدث تخيلوا الموقف ايش أصله..
جميع الملائكة على الإطلاق..
جميع الأنس، بني البشر..
جميع الجن من شياطين وغيرهم..
جميع المخلوقات..
تدركوا ما معنى عظمة الحدث.. وهنا تدركوا هيبة الرحمن (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾) “طه” تظهر ذلك اليوم هيبة الله سبحانه وتعالى وهو متجلي بصفة الرحمن أما لو تجلى بصفة القهار أنا اعتقد بانها ستنقطع الأنفاس (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾) “طه” وآية أخرى تقول (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) تخيلوا بهذا المجموع الهائل من الخلائق يتكلم واحد بإذن هنا تظهر هيبة الله سبحانه وتعالى وكمال سيطرته على ملكه (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴿١٠٥﴾) “هود”
دخلت الجنة بإذنه (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) يعني حتى دخولهم الجنة بإذن (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴿٢٣﴾) “إبراهيم”.
فكما ترون إذن الله سبحانه وتعالى من الملائكة في السماوات السبع مروراً بحيات البشر مروراً بالنبات الذي يطلع من الارض والورق التي يسقط من الشجر مروراً بالموت إنتهاً بدخول الجنة والنار.
– القضية الخامسة وهي الجانب الذي يعتبر جانب سلبي جانب الشيطان والأضرار التي تحصل للإنسان..
لاحظوا الشيطان وغطرسته هاذيك قولة (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ) “الأعراف 17” والله مكنه هذا التمكين الله يقول (إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) “المجادلة 10” يعني هذا الشيطان يقول الذي يشتي وهنا ستدرك ما معنى المجموع الذين ليس بضارهم شيئا الا بأذنه من هم ؟
هم الذين تحققوا بكمال الإمتثال للأمر..
في حوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس في الملاء الأعلاء وهو يقول له شوف خلي بالك (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) “الحجر 42” فعبادي هنا عبارة دالة على كمال العبودية بمعنى الذين تحققوا بالإمتثال للأمر ، فالشيطان هذا يعمل ما يشاء معهم لا يضرهم.
(إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾) “المجادلة”.
طيب هناك امور غيبية مثل السحر وهي من الأشياء التي تضر بالإنسان (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) “البقرة 102”.
إذاً حتى أمور الشر والتي ممثله بالشيطان وأعمال الشيطان مثل السحر وغيره قائمة أيضاً على إذن الله سبحانه وتعالى.
نأتي للمصيبة التي تحصل في حيات الانسان هي أيضاً لا تحصل الا بإذن (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿١١﴾) “التغابن” لاحظ ما أصاب من مصيبة الا بأذن الله فكيف يصدر إذن الله سبحانه وتعالى بحصول المصيبة على الانسان؟
تأتي أية ثانية توضح ماهية الأسباب التي تصدر من الانسان وبموجبها يحصل الأذن بالمصيبة قال (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) يعني أن الإنسان هنا أقترف مخالفات (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ولكن ليس بمجرد ما يخالف تحصل المصيبة قال (وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴿٣٠﴾) “الشورى” يعني في مساحة عفو للإنسان ويظل في هذه المساحة من العفو فإذا إكتملت هذه المساحة يرسل له الله رسول بأي صورة من الصور يعني ليس بالضرورة ان يأتيه جبريل ليقول له السلام يقرئك السلام ويقول لك كثرت به… ممكن يسمع كلام مثل هذا ويقول لك هذا كلام موجة لي وهذه رسالة ممكن يقرأ كلام مثل هذا ويقول هذا الكلام يقصدنا هذه أيضاً رسالة والله يقول (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴿١٥﴾) “الإسراء” فإذا حصل بأن الإنسان أتى ما نهى الله عنه وتجاوز مساحة الستر وحصلت له هذه الرسالة ولم يرجع.. هنا يأذن الله سبحانه وتعالى بحصول المصيبة عليه.
إذاً نقدر نستخلص من كلام هذه الجلسة بأن إذن الله سبحانه وتعالى أولاً مع عباده الممتثلين لأمره.. وإذن الله معهم في بلوغ غاياتهم فمادام أمر الله معه وإمتثل أمر الله كل شيء مسخر له للوصول الى الغاية التي أمره الله سبحانه وتعالى.
البعد الآخر أنه إذا أتى الإنسان ما نهى الله عنه وتجاوز مساحة الستر وأغفل الرسالات التي تصل له هنا يأذن الله سبحانه وتعالى لحصول المصيبة عليه.. وهنا إذا استوعب مسألة المصيبة لا تكون عليه بل تكون له (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) “التوبة 51” يعني ليست علينا.
متى ما استوعب الإنسان بأن المصيبة هذه كانت بسبب مخالفاته وبالتالي رجع الى الله هنا كانت المصيبة له وليست عليه ولعلنا نذكر آية واحده في هذا المضمار (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) لاحظوا (قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) تخيلوا جيش بقيادة نبوة ومجموع الجيش ربيون يعني يعرفوا الله ويتعاملوا بموجب أمر الله فالمتوقع أن يكون إنتصار يزلزل الأرض وإذا بالآية تفاجئك بأنهم اصيبوا لكن المفاجئة الأكبر أنهم (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يقولون لك نحن كنا ممتثلين لأمر الله .. (وَمَا ضَعُفُوا) من إعادة المحاولة (وَمَا اسْتَكَانُوا) من قوة العدو (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾) “آل عمران”.
لاحظوا كيف عالجوا المسألة .. حاسبوا أنفسهم ووجدوا انه عملوا أخطاء مع انه صحيح كان قتالهم بأمر لكن أيضا صاحب إتاءهم للأمر أخطاء بل بعض الأمور تجاوزوا فيها الى حد الاسراف (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾) “آل عمران”
إذاً كما ترون إذن الله سبحانه وتعالى مع الإنسان وبلوغ غايته مادام أنه يعيش لحظته على مراد الله سبحانه وتعالى..
يحصل إذن معاكس عليه متى ما خرج عن الأمر أو دخل مساحة النهي ولله سبحانه وتعالى كما بين سنته في هذه الإصابة والإذن بالإصابة فمتى ما استقام الإنسان على مراد الله سبحانه وتعالى وعاش لحظته على مراد الله كان الإذن حليفة وتسخرت له السماوات والارض.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم وللسامعين والقارئين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد