لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا

{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}
الدرس الأول():
أيها الأخوة الكرام والأبناء الأعزاء؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَ‌ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}().
لاحظوا هنا؛ فقد وقف أهل العلم مع كلمة {نَّبْرَأَهَا}؛ فقال بعضهم: بأنها المصيبة. وقال بعضهم: النفس. وقال بعضهم: الأرض. ولعله -والله أعلم- أنه من قبل أن نبرأ هذا كله()، وأن هذا قانون سيحكم حياة الناس في الأرض()، والذي يدل على ذلك خاتمة الآية: {إِنَّ ذَ‌ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، يعني: أنتم لو لاحظتم ماذا يقول أهل العلم عندما يتحدثون عن علم الله سبحانه وتعالى وأنه يجب الإيمان به حيث ذكروا أن من مقتضيات الإيمان بالقضاء والقدر: “الإيمان أن الله تعالى عالمٌ بكل شيء جملة وتفصيلاً أزلاً وأبداً، فقد علم ما كان وما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون”().
وتجدون في القرآن بأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن ماذا سيقول أهل الجنة وأهل النار.. فلاحظوا مثلاً في قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴿٥١﴾ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴿٥٢﴾ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴿٥٣﴾ قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ}()، تصوروا هكذا الله يخبرنا بما سيكون في الجنة من حوار ويقوم هذا بعد أن يقول الله لهم: {هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ}، ويفتح له -وأنا أقول شاشة-()، لينظر إلى صاحبه الذي كان قرينه في الدنيا فيراه في النار: {قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ ﴿٥٤﴾ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ}()، {فِي سَوَاءِ}.
يعني: لو عمل هكذا -فوكس()- وركز على ذلك القرين، فإنه يراه في وسط النار، {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}، وبعد ذلك يبدأ يخاطبه، فيفتح حواراً معه، وأنا أتوقع أنَّ ذلك الذي في وسط النار لم يرد عليه أبداً().
والبداية أن واحداً في الجنة يتساءل عن صاحب كان له في الدنيا، وكان من المكذبين بيوم الدين، وكان يريد أن يجعله كذلك من المكذبين، فلما رحمه الله بدخوله الجنة أراد أن يعرف كيف حال قرينه المكذب بيوم الدين في النار، فاطلع عليه، فلما رآه على تلك الحالة في وسط الجحيم فهنا بدأ الحوار.
وبدأ الكلام من طرفه: {قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ ﴿٥٦﴾ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}() أي في النار، ولو تابعتم الآيات ستجدون أن صاحب النار لم يرد عليه.
والشاهد هنا قوله تعالى: {إِنَّ ذَ‌ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، يعني: أن الله تعالى بعلمه السابق قد أخبرنا بما سيكون من حوار بينهم، وما سيقوله أهل الجنة، وما سيقوله أهل النار.
إذاً: {إِنَّ ذَ‌ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أن يقول: إن المصيبة التي ستحصل في الأرض بموجب قانون الله سبحانه وتعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى